السبت، 14 أغسطس 2010

طاش ماطاش، فلسفة التنوير أم فلسفة التنصير

بقلم / مهند بن ناصر الدوسري

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والسلام والصلاة على رسول الله

حينما تلعب القردة بأرجوحتهم المتهالكة، ثم تسقط متحطمةً بالية، بلا شك ستبحث تلك القردة على أرجوحة أخرى ليتسلوا بها ويفرغوا كتم أنفاسهم من تلك القضبان المانعة للعبث، وعندما نرى المرجفون هنا وهناك من بني ليبرال ورجفهم في البلاد، وسقوط فلسفتهم التنويرية، وكشف هويتها الرعنه، خاصةً عندما رأينا وقرأنا حقيقتهم في الصحف المحلية والمواقع الكترونية، انكسرت وتحطمت كالأرجوحة المتصدية، ثم بحثوا على فلسفة أخرى .
ولله الحمد، بلادنا يقنطها شعب مسلم محافظ لا يقبل الأفكار الشاذة، والثقافة الكافرة، بل عجز المرجفون هؤلاء من قروناً ماضية على زعزعة الثقة بالدين، وهش هشة الصحوة الإسلامية، بل من بداية الهجرة النبوية كان المنافقون ينجمون النفاق إذ حدث أمر غير صالحاً للأمة المؤمنة ويفورون فور رجل واحد، كما فاروا على محمد صلى الله علية وسلم في غزوة أحد والأحزاب، وفورهم في عصرنا على أبن الشثري وغيرة من العلماء الأفاضل كقضية الاختلاط وغيرها، ففي الستينات من الثلاثمائة وألف من الهجرة كان التيار الشيوعي يجاهر النفاق ويفور في بلادنا الإسلامية، حتى حبطوا وسقطوا أرضاً موتورين منهزمين، ومن ثم بدأ أحفاد فكرهم بتمييع وتزوير مسماهم إلى علمنة وعلمانية، وليتهم وقروا هذا المصطلح بحقيقته أن كانوا صادقين، بل نشطوا نشاطاً معادي شيوعي ملحد، حتى سقطوا كما سقط أسلافهم، ومن ثم ظهروا لنا الآن بزعم جديد بتيار تنويري أو تيار ليبرالي، وهاهو أوشك الانهيار وعدم القبول به من جميع أسوده البلاد .
نحن لا نعلم أصل حقيقة المنافقين إلا في كتب التواريخ الإسلامية، ولا سيما السيرة المحمدية أبرز برهان، فهم لا يبرزوا إلا عند المصائب والكرب، ولعلي أذكر مثالاً عندما تعاهد المنافقين وتحالفوا مع يهود المدينة على غزو رسول الله، لم يتجرؤوا بذلك إلا بعد ضعف المسلمين وقتالهم مع مشركي العرب، فتجرؤوا وجاهروا بالنفاق، وحينها كانوا يزعمون أن هزيمة وسقوط الإسلام أوشك، وهانحن الآن نراهم قد تجرؤوا علينا وقدحوا فينا بعد استغلالهم لكرب الأمة الإسلامية ومصائبها، فقد تجرئ هؤلاء بفلسفة غربية تغزو أجيالنا القادمة، تارة بقناع علماني، وتارة بقناع ليبرالي، وتارة بقناع تنويري، والآن بفلسفة تنصيرية بذوق أخر دراماتيكي ! .
ليس الغريب على هؤلاء أن يلجئوا لجميع السبل لتحقيق طموحاتهم القذرة، فقد رأينا ورأى البعض منكم الحلقة الثالثة من طاش ما طاش ( خالي بطرس ) ولكي أكون منصف ومحايد لقد استبشرت بهم في الحلقة الأولى ونقدهم لوضع المواطن السعودي، ولكن ما رأيناه في هذه الحلقة التنصيرية وتميعهم للقضايا الدينية والسياسية تعجبت كثيراً على خفاياهم ونواياهم النتنة .
خالي بطرس من تأليف الكاتب ناصر العزاز قصة ولدان توفيت أمهما النصرانية من جنسية لبنانية من أب سعودي مسلم متدين محافظ وهم صغار، تربوا وترعرعوا مع أبيهم في عاصمة المملكة العربية السعودية حتى هرم الأب وبدأت أنفاسه الأخيرة تخرج، فبين لهم الأب حقيقة أمرهم ودلهم على أخوالهم وأعطاهم عنوانهم في لبنان، وبعدما توفي الأب خرجوا قاصدين أخوالهم بلبنان، وكان أستقبال أخوالهم أحر استقبال وأكرم إكرام، وعندما علموا ديانة أخوالهم ذهلوا ورعدوا حتى كادوا أن يهربوا وأمسك بهم خالهم بطرس وأعطاهم الأمانة التي أمنته أمهما بها، وهي عبارة عن صندوق صغير مليء بالذهب والمجوهرات، وبدأ قرار الهروب يتراجع وسكنت الطمئانينه، وكان هذا الخال النصراني قسيس بل من كبار القساوسة في لبنان وكان يتحلى أفضل الخلق، والأمانة، والكرم، خلافاً ما قدحوا به هؤلاء الاثنان القصبي والسدحان وشاكليتهم على ( المطاوعة ) ثم أرادوا أن يدعوا هذا القسيس إلى الإسلام بعبادة الله وحده، فقرروا أن يهدوا له قرآن، وعند أعطائه هذه الهدية قال القسيس أني أحفظ القرآن كاملاً ! وزعم عند قولة كتاب الله أنزل على نبية محمد ـ صلى الله علية وسلم ـ والديانة النصرانية تؤمن بالديانة الإسلامية خلاف بعض المتشددين المسلمين وعداوتهم للنصارى ...إلخ .
هنا وقفة ووجهة خلافية بين الأب المسلم المتدين والمتشدد في نظرهم المحافظ على صلواتة الخمس في جماعة والذي قمع وحرم أبنية من أخوالهم، وبين خالهم بطرس، وزهده، وحسن تعامله لأبني أخته، أفضل وأبر من أبيهم المسلم ؛ فلماذا هذا التشويه الناتج من الحقد والكراهية لمتبعي السنة؟ ولماذا لم يتطرقوا إلى وضع التنصير في بلادنا العراقية بالقوة والإكراه، والتعاون العدائي الفلسطيني من قبل اليهود والنصارى ؟ لماذا لم يتطرقوا إلى ضرب الغرب النصراني لبلادنا الأفغانية ؟ فهل هناك ظلماً جائر أشد من هؤلاء النصارى والذي أوصفهم الله سبحانه لنا وعدوانهم في كتابة وسنة نبية ؟ وهل هناك ظلما نبع من المسلمين عبر التاريخ لأهل الكتاب ؟ وأن كان هذا الخال الكريم يؤمن بصدق نبوة محمد ورسالته فهو ليس نصراني، فالكنيسة النصرانية اثنتين وهي الكاثلوكية والأرثوذكسية الأولى تؤمن بثلاثة أقانيم، الأب، الابن، روح القدس، والثانية أقنيم واحد وهو الله الذي نزل على الأرض بواسطة جسد حيوان ثم قتل ثم أحيا نفسه ـ تعالى الله عما يقولون ـ ولم يؤمن أحد منهما بنبوة محمد، بل قدحوها وضربوها، فإذا لماذا التمييع وتدليس الحقائق على عقول أبنائنا وبسطائنا ؟ .
نحن نؤمن بالحوار مع أهل الكتاب والهدن معهم وتعزيز الأمن والاستقرار وكف القتال والتعاون معهم فيما يجلب المصلحة والمنفعة للأمة الإسلامية، ولكن التشكيك برسالة محمد ومن يتبعها، وتقنين العقائد الإسلامية وأحكامها هذا لن يسمح به، فهؤلاء عبقروا بالفلسفة وتمادوا بها والقادم أعظم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © تَهَاويلي